[ذكر الخلاف في حدوث العالم]
  القول بالجوهر والخط والسطح، وبخلاف ما ذهبت إليه نفاة الأعراض ومن جوز وجود عرض لا في محل.
  وذلك لأنهم $ لم يتعدوا حد عقولهم، ولم يتكلفوا علم ما لا طريق لهم إلى العلم به، ولا ما قد علموه بالمشاهدة ضرورة، أو بطريقة القياس العقلي لما لم يشاهدوا على ما شاهدوا، وذلك لأن جميع ما يشاهد من العالم لا يخلو: من أن يكون محلاً لغيره أو حالاً في غيره؛ فالمحل هو الجسم، والحال هو العرض، والعرض صفة، والجسم موصوف، ومن المعلوم بالمشاهدة استحالة وجود جسم خال من عرض، ووجود عرض لا في محل.
  وأما تنوع الأجسام إلى كثيف ولطيف وحيوان وجماد، وتنوع الأعراض إلى ما يعلم بدرك الحواس الخمس، وما يعلم بالدليل - فذلك ظاهر لكل من لم يكابر الضروريات بكاذب التوهم أو(١) التجويز الذي هو طريق كل مدلس، وملجأ كل مقلد.
[ذكر الخلاف في حدوث العالم]
  وأما الخلاف في حدوث العالم: فقد تقدم ذكر قول الفلاسفة بقدم أعيان العالم، وأنه موجود بالقوة فيما لم يزل قبل وجوده بالفعل؛ لأجل ثبوت صورة بزعمهم في النفس الأزلية، وكذلك قول المعتزلة بثبوت ذوات العالم فيما لم يزل؛ لأجل تعلق علم الله بها بزعمهم فيما لم يزل، وأنه لا تأثير له سبحانه إلا في الصفة التي ليست بشيء ولا لاشيء، ولا هي معلومة له قالوا فيما لم يزل وهي الوجود.
  وأما مذهب أئمة العترة $: فهو أن الله سبحانه يعلم أنه لا شيء ثابت ولا موجود فيما لم يزل إلا هو وحده، وأن جميع ذوات العالم وصفاته أشياء، جعلها أشياء بعد أن لم تكن، وأنه لا يجوز وصف بعض العالم بالأزل وبعضه
(١) نخ (ب): و.