إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[الباطنية]

صفحة 61 - الجزء 1

  كان أولئك به أعرف، وبالفصل بين السحر وبين ما ليس بسحر أعلم. لعلمهم بمبلغ قوة السحر، وغاية أمره.

  ولما بعث الله سبحانه المسيح صلى الله عليه، آتاه من الآيات التي بهرت ما كان ولوع الناس به في ذلك الزمان من الطب، فأيده سبحانه بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، لئلا تبقى شبهة لأحد منهم، لأنهم كانوا أعرف الناس بمبلغ قوة صناعة الطب، ومنتهى غايته. وما يكشف لهم من الأمر ما عساه كان لا ينكشف لغيرهم في تلك المدة اليسيرة.

  ولما بعث الله تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه في قوم هم الغاية في الفصاحة والبلاغة، والنهاية في البيان والسلاقة. إذ حظ العرب من ذلك أوفر الحظوظ، ولهم منه ما ليس لغيرهم من الأمم، فأيده سبحانه بالقرءان، وجعله معجزا له، لأنهم يعرفون من حاله، ما لا يعرف غيرهم، ولأنهم إذا عجزوا عن معارضته، لم تبق شبهة في أن غيرهم أعجز وأعجز. ومع ذلك لم يُخْلِه ø من سائر المعجزات على ما نبيِّنه من بعد. بل كثر ذلك، وتواتر، حتى لم يبق في أمره شبهة لمنصف. والحمد لله على نعمه السابغة، ومِنَحِه البالغة.