إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في بيان ماله كان معجزا

صفحة 180 - الجزء 1

  وهذه أبواب لا يستقل بمعرفتها مَن لم يكن مطبوعا عليها، إلا أن ينال منها حظا جزيلا، و قسما وافرا.

  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن النبي ÷ قد تحدى بالقرءان، وعلمنا ذلك من حاله، ولم يثبت أن النظم كان مقصودا بالتحدي، وإذا لم يثبت ذلك، ثبت أنه لا بد من وجه يكون هو المقصود بالتحدي، ثبت أن ذلك الوجه هو الفصاحة فقط، فبطل قول من يقول: إن النظم مقصود بالتحدي؟!

  قيل له: لا فصل بينكم وبين من قال: لم يثبت أن الفصاحة مقصودة بالتحدي، وإذا لم يثبت ذلك، فكان لا بد من وجه يكون هو المقصود بالتحدي، وعليه ثبت أن ذلك الوجه هو النظم فقط، وذلك أن القرءان ل هـ هذا النظم المخصوص والفصاحة المخصوصة، وقد وقع التحدي به، وثبت عجز البشر عن الاتيان بمثله، فلم يكن ادعاء تعلُّق العجز بأحد الأمرين أولى من ادعاء تعلقه بالآخر، فيجب أن يقال: إنه متعلق بهما، أو يقال: إنه لا يتعلق بواحد منهما، ولا يصح القول بأنه لا يتعلق بواحد منهما، لأنه لا بد من وجه به يتعلق الاعجاز، ويكون هو المقصود بالتحدي، فإذا ثبت ذلك، فيجب تعلق الاعجاز بالأمرين، وأن يكونا جميعا مقصودين بالتحدي على ما ذهبنا إليه.

  على أنَّا قد عرفنا من حال كل من ادعا أنه يعارض القرءان، أو يأتي بما يقاربه، نحو مسيلمة، وطليحة، وابن المقفع، على اختلاف