الكلام في بيان ماله كان معجزا
  قيل له: معاذ الله من ذلك! فإن القول الذي قلناه، لا يؤدي إلى ما ذكرتم، على ما نبينه ونوضحه.
  وذلك أن الذي من أجله أن لا يتعذر النظم هو العلم الذي يحصل به، وهو العلم بأن كل كلمة إذا وقعت عقيب أي كلمة أعقب هذا النظم، أو غيره من نظم أجناس الكلام، موزونه أو منثوره، ويتعذر ما يتعذر من ذلك، لفقد هذا العلم، وكذلك الذي من أجله أن لا تتعذر الفصاحة هو أن يعلم أن كل كلمة إذا وقعت عقيب أي كلمة وما جرى مجراها من تبديل حرف عن حرف، أو كلمة عن كلمة، خرج الكلام فصيحا.
  وجملة هذا العلم هي علوم ضرورية، وإن كانت لا تحصل إلا بالممارسة، كالعلم بالمهن والصناعات.
  ثم العلم بما إذا أتى به كان فصاحة، في الطبقة الدنيا، أو الوسطى، أو العليا، في نظم مخصوص، علم ثالث. وهو أيضا إذا حصل حصل ضرورة.
  وإذا كان هذا هكذا، لم يمتنع أن يكون الله ø لم يجمع لأحد من البشر بين هذه العلوم الثلاثة.
  أحدها: هو العلم بما به يكون هذا النظم واقعا في أعلى طبقات الفصاحة. وإذا لم يمتنع ذلك، لم يمتنع أن يتعذر على جميع البشر الاتيان بمثل القرءان، لفقد أحد العلوم الثلاثة، وإن حصل العلمان.