الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة
  وقوله ø: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ١ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ٢ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ٣ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ٤ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ٥}[العاديات].
  وتتبُّعُ هذا مما يتعذر، فإن أكثر القرءان على هذا، ونحن إذا بينا سائر أقسام الفصاحة ننبه في أثنائها أيضا على ما فيها من الجزالة، وإن هذا باب عام فيه. وإن كان بعض الألفاظ يزيد على بعض في هذا المعنى، أعني: في الجزالة والعذوبة.
  ومن أقسام الفصاحة: الاستعارات والتشبيهات، وإحداهما قريبة من الأخرى، وإن كان بينهما فصل، وذلك أن التشبيه هو أن يذكر الشيء باسمه، ويشبهه بغيره، كقولك: زيد مثل الأسد شجاعة، وكالريح جودا، وكالبدر حسنا.
  والاستعارة أن تنقل إليه اسم الشيء المشبه به، وذلك كقولك: حمار، إذا وصفته بالبلادة، أو كلب، إذا وصفته بالخساسة. والاستعارات والتشبيهات في القرءان كثيرة حسنة، واقعة موقعها لحسنها، وشرف موضعها.
  ونحن نذكر منها جملا ننبه بها على ما سواها، لأن استيفاءها مما يطول ويتعذر.