إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة

صفحة 199 - الجزء 1

  هذه الألفاظ، فقال: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ٤٣}⁣[النور]، وهذا من الفصاحة العجيبة والبلاغة التامة، أن يَرِد معنى واحد بألفاظ مختلفة تجمعها الفصاحة.

  ثم عاد ø إلى ذكر من بدأ بذكرهم، فقال: {واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ ١٩}⁣[البقرة]، وهذا قسم من الفصاحة، وهو أن يجري ذكر شيء ثم يتجاوز إلى ذكر غيره، ثم يعطفه عليه ويعاد ذكره - أعني المذكور أولا - مثل قول جرير:

  متى كان الخيام بذي طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام

  فجمعت هذه الآية أنواع الفصاحة، منها الجزالة في اللفظ، مع التشبيهات والاستعارة الواقعة، والعطف آخر الكلام على أوله.

  ومن الأمثال الحسنة والتشبيهات الواقعة، ما ذكره ø من قوله ø: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ} ... إلى قوله: {يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ٢٦٦}⁣[البقرة]، فشبَّه ø من أنفقوا