إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة

صفحة 200 - الجزء 1

  ابتغاءً لوجه الله، وطلباً لثوابه الرادع، بما يحصل لهم من الربح بحبة، وبمن ل هـ جنة بربوة، آتت أكلها ضعفين.

  وشبَّه من أحبط ثواب انفاقه بطلب الرياء والسمعة، بصفوان عليه تراب إذا أصابه الوابل، وبمن ل هـ جنة وله ذرية ضعفاء، فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت. وكلها تشبيهات وأمثال، واقعة بألفاظ جزلة.

  ومن الاستعارة الحسنة قوله ø: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}⁣[الإسراء: ٢٤]، وقوله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢١٥}⁣[الشعراء]، فجمعت الآية بين الاستعارة الحسنة، والجزالة البالغة، والعذوبة اللطيفة. وأخذ هذا المعنى الكميت فقال:

  خفضت لهم مني جناحي مودة ... إلى كنف عطفاه أهل ومرحب

  فأخذ اللفظ والمعنى، ولكن لم يرزق تلك العذوبة الصافية، وذلك الماء المتسلسل، على أن هذه اللفظة في غرة هذا البيت مع ما بها، والباقي كما ترى.