إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب

صفحة 236 - الجزء 1

  قيل له: الآية تضمنت تقدم الوعد على الكائنة، لأن الوعد لا بد من أن يتقدم الموعود، ولولا أنه كان معلوما عند أصحاب رسول الله ÷ أن ذلك الوعد كان قد حصل لهم، لم يكن النبي ÷ ليتلو عليهم ما تلاه، لأنه جرى مجرى أن يقول لهم: قلت لكم أمس شيئا، وهم يعلمون أنه لم يقله لهم، وأنه يفضح القائل، ويظهر كذبه، وتقوُّله بين أصحابه. فبان أن الوعد في الأمل والوعيد كان قد تقدم. وأن الموعود جرى على ما وُعِدوا به. ومثل هذا لا يجوز أن يصدر إلا عن علام الغيوب سبحانه وتعالى.

  ويبين ما قلناه من أن الوعد كان قد تقدم، قوله ø بعد هذه الآيات: {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأنفال: ١٠]، والبشرى لا تكون إلا قبل حصول الشيء. فدل ذلك أيضا على أنهم كانوا مبشرين قبل وقوعه.

  الوجه الثاني الذي تضمنته الآية من الإخبار عن الغيوب، قوله ø: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}⁣[الأنفال: ٧]، وهي العير التي كانت مع أبي سفيان، فأخبر عما في نفوسهم، ولم يقل أحد منهم: إن الذي كان في نفسي خلاف ذلك.