إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب

صفحة 238 - الجزء 1

  يغلبون لا محالة. وقد جرى الأمر على ما ورد الخبر به، فإن جميعهم غُلِبوا وقُهِروا واستُذِلُّوا.

  ومن ذلك قوله ø: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ٣٣}⁣[التوبة]، ذكره ø في السورة التي يذكر فيها التوبة، والسورة التي يذكر فيها الصف، والسورة التي يذكر فيها الفتح، وفي هذه السورة آخر الآية: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ٧٩}⁣[النساء: ٧٩، ١٦٦، الفتح ٢٨]، فأكد الخبرَ هذا التأكيدَ، وكرر ذكره في هذه السورة، ثم أنجز الله ø وعده لنبيه ÷ بإظهار دين الاسلام، ونشر دعوته في الآفاق، فطبقت الشرق والغرب، وعمت العرب والعجم، وخلصت إلى الروم والهند والترك، وصار كثير من البلدان المنسوبة إلى هؤلاء - أعني الروم والهند والترك - من بلاد الاسلام، والفتوح إلى الآن متصلة ترد بها الأخبار، من النواحي والأقطار.

  فأما بلاد العرب والعجم - بحمد الله ومنِّه - فقد صارت كلها بلاد الاسلام، ولم يبق أهل ملة من الملل، ولا أمة من الأمم، إلا نفذ فيهم الاسلام، حتى صار هذا الدين أعلى الأديان كلمة، وأرفعها حكمة، ولو كره المشركون، كما قال الله ø.

  وليس يخفى على عاقل أنصف نفسه أن الخبر بهذا، خبر عن الغيب الذي لا يطلع عليه أحد إلا الله ø، الذي يعلم ما كان