الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب
  وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، فسبحانه لا نشرك به شيئا، ولا نتخذ من دونه إلها ولا وليا!
  وفي هذا المعنى قال ÷ وصدق، ونحن على ذلك من الشاهدين: «زويت لي الأرض، فأُرِيتُ مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها».
  ومن ذلك قوله ø: {الم ١ غُلِبَتِ الرُّومُ ٢ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ٣ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ٤ بِنَصْرِ اللَّهِ}[الروم]، وهذه الآية قد تضمنت ثلاثة من الأخبار عن الغيوب.
  أحدها: قوله ø: {وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ٣}، هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ø.
  والثاني: قوله: {فِي بِضْعِ سِنِينَ}، والبضع: فوق الثلاثة ودون العشرة، وهذا التحديد أيضا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.
  والثالث: قوله ø: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ٤ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء}، فأخبر أنهم يفرحون في ذلك الوقت بنصر الله.
  وهذا أيضا من الغيب، لأنه خبر عن بقاء المؤمنين إلى ذلك الوقت مع قلتهم، وطمع الأعداء في ابتسافهم. وعن أنهم يفرحون، ولا تعرض هناك أحوال تمنعهم الفرح، لأن هذه الآية نزلت بمكة قبل