الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب
  ومن ذلك قوله ø: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ١٢}[الأحزاب]، يعني: يوم الأحزاب، ثم يقول بعد ذلك: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}[الأحزاب: ٢٢]، فدل بهاتين الآيتين على أن النبي ÷ كان وعد أصحابه وعداً ظاهراً، أن الأحزاب يأتون، وأن الله ينصرهم عليهم، حتى عرفه المؤمنون والمنافقون وانتشر فيهم، حتى قال المنافقون: {مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ١٢}، وقال المؤمنون حين رأوا الأحزاب: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}، وهذا مما لا يعلمه ولا يطلع عليه إلا الله ø، لأنه لا سبيل إلى العلم بأن الأحزاب يأتونه، وأنهم مع قوتهم وكثرتهم ينهزمون لا محالة.
  فإن قيل: هذه الآية نزلت بعد يوم الأحزاب.
  قيل له: هذا وإن كان كذلك، ففيها دلالة على أن الوعد به كان قد تقدم.
  ألا ترى إلى ما حكى الله تعالى عن المؤمنين والمنافقين في ذلك. والنبي ÷ تلا ذلك عليهم، ولو لم يكن الأمر كذلك، لم يكن ليتلو صلى الله عليه وآله ذلك عليهم ويدعيه، لئلا