الكلام في ذكر ما في القرءان من الإخبار عن الغيوب
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن النبي ÷ علم تلك الغيوب من طريق التنجيم، كما يعرفها حذاق المنجمين، وإذا صار ذلك لم يجب كونه معجزا على ما ادعيتموه؟!
  قيل له: هذا يسقط من وجهين:
  أحدهما: أن المنجم لا يمكنه أن يخبر عن تفاصيل الأمور، ولا يحصل ل هـ العلم بذلك، وإنما يحصل ل هـ غالب الظن. لذلك يصيب في شيء، ويخطيء في غيره. وذلك من أحوال المنجمين معلوم.
  يبيِّن ذلك أنهم يدَّعون أن في جملة الكوكب الثابتة وهي التي تسمى: بيابيات كواكب كثيرة، لا يعرفها أحد من الناس، وفيها السعود والنحوس، وإن حصول ما يحصل منها في الطالع، يغيِّر الاحكام من غير أن يشعر بها المنجم، فيعتذرون للخطأ الذي يتفق لهم بذلك، وربما نسبوه إلى خطأ أصحاب الرصد، وربما ينسبون بعض الزيجات إلى أن فيها خطأ كثيرا، وكل ذلك لأن الصواب لا يستمر لهم، لأنهم لا يمكنهم أن يحكموا تفاصيل الأمور، وليس كذلك إخبار الله ø في القرءان عن الغيوب. فوجب أن يكون صَدَرَ عن علام الغيوب، الذي لا تخفى عليه خافية تبارك وتعالى.
  والوجه الثاني: أن النبي ÷ لو كان بلغ في علوم النجوم المبلغ الذي كانت ل هـ هذه الأمارات من أجلها - مع استحالة ذلك - لوجب أن يظهر اشتغاله بها، وصرف العناية إليها،