ذكر ما قيل في أمره ÷ على سبيل التأكيد
  والتشدد في الأمر الذي كان يدعو إليه، والاستهانة بجميع أعدائه والمخالفين، لا يني، ولا يضعف متنه، ولا تهن قوته، ويخاطب قومه من السماء.
  كما روي أن ذويه من قريش لما شكوه إلى عمه أبي طالب، يلتمسون منه النزول عما هو فيه من الدعاء إلى الله، وسب آلهتهم، وتسفيه أحلامهم، وبذلوا ل هـ الرغائب على ذلك. قال ÷: «لو جعلت الشمس في يميني، والقمر في يساري، ما تهاونت فيما أدعو إليه».
  ثم استمر على ذلك مع كثرة ما لقي من الأذى والتكذيب، وفي أحوال الخوف والرهبة من الأعداء. هذا مع حصافته وثبات لُبِّه، وإصابة رأيه.
  ومن المعلوم أن العاقل الحازم إذا عرف من نفسه أنه محترص في أمر يدعيه، ومتحيل فيه، عَلِمَ أنه لا حقيقة لما يذكره، ودفع مع ذلك إلى موافقة أعدائه له، وامتحانهم إياه، وبحثهم عن أحواله، وتنقيرهم عن أسراره، يلين بعض اللين، ويستعمل بعض التملق في كثير من أوقاته، بل عامة أحواله، وإن خشن جانبه في وقتِ تجلدٍ ألانه في آخر، وإن أبدى الثبات وقوة النفس في حالة، راوغ وداهن في أخرى.