إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[قرآن مسيلمة الكذاب]

صفحة 102 - الجزء 1

  وظهر التصرف فيه، ولهذا نقول: إن بهذا القدر من القرءان لا يمكن أن يعرف إعجازه، لأن هذا القدر من القرءان لا يمكن أن يعرِّف إعجازه، لأن هذا القدر وأضعافه قد يتفق فيه ما لا يمكن لصاحبه الاستمرار عليه.

  فأما ما ذكر عن ابن المقفع في هذا الباب فهو أكثر، ونحن نذكر طرفا منه وننبه به على نمطه، فإني رأيت كثيرا من الجهال يدخلون به الشُّبَه على أنفسهم. فمن ذلك: «وأما الذين يزعمون أن الشك في غير ما يفعلون، وتنتهي الثقة إلى ما يقولون، أولئك ممن غضب عليهم ربهم، إنه خبير بما يعملون، الذين اتخذوا من دوني نصيرا، أولئك لا يجدون وليا ولا هم ينصرون، ومنهم من يتخذ أندادا من دون الله رجما بالغيب، أولئك وراءهم شر ما يظنون».

  فانظروا - رحمكم الله - إلى صفاقة هذا الانسان، كيف جاء إلى ألفاظ القرءان فحرَّفها عن مواضعها، وأوهم أنها من كلامه، فأفسد وضعه ونضمه، وما أشبهه، إلا ما حكى لي بعض أهل الأدب أنه أنشد قول المتنبئ:

  بقائي شاء ليس هم ارتحالا ... وحسن الصبر زموا لا الجمالا

  فقال: أخذ قول أبي تمام فنسخه وفسخه ومسخه، يعني قوله:

  قالوا الرحيل فما شككت بأنها ... نفسي عن الدنيا تريد رحيلا