إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في بيان أن الإعراض عن المعارضة إنما كان للتعذر

صفحة 121 - الجزء 1

  ولهذا ترى المختلفين في قيمة سلعة إذا ذكر المغالي بها سلعة على صفة، يجب أن يغالي بقيمتها من أجل تلك الصفة التي يجد المخالف له في ذلك أن يطعن في تلك الصفة وينازع فيها، ولا يشتغل بغير ذلك. وتجد الصبيين إذا ادعا أحدهما أنه أحسن صراعا من الآخر لوجه يورده، ترى المباري له ينازعه في تلك الصفة يحاول إيراد ما يمنعه من الاحتجاج بها، ثم تجد أحوال أصحاب المهن من الصناعات، والمشتغلين بالزراعات، يستوون فيما ذكرناه، ويتبارون فيما حكيناه، فإذا ثبت ذلك بان أن ما ادعوا خفاءه على العرب من أحوال المعارضات، باطل لا يدعيه عاقل.

  على أنهم بعد مهاجرة النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة قد خالطوا أهل الكتاب، واستعانوا بهم، ولهذا انضم قريش وغطفان بعضها إلى بعض، وانضم اليهم اليهود الذين كانوا حول المدينة، يوم الأحزاب، واجتمعوا وتناصروا، وكان الساعي في ذلك والجامع لشملهم، والمؤلف بينهم حيي بن أخطب، وهو القائل لرسول الله صلى الله عليه وآله يوم قريظة حين قُدِّم لضرب عنقه: «يا محمد ما لمت نفسي في عداوتك».