[الباطنية]
  ثم كانت الفترة بينه وبين موسى صلى الله عليهما نحو أربعمائة سنة، وإنما كانت كذلك - والله أعلم - لأن إبراهيم صلى الله عليه مضى والكفر باق بينهم وظاهر، ولم يكثر أتباعه الكثرة الظاهرة على ما بلغنا.
  وبعث الله تعالى بعده: إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وشعيبا À قبل مبعث موسى صلى لله عليه.
  وقيل: إن أيوب صلى الله عليه كان قد بُعث قبل موسى.
  فتغيرت أحوال بني إسرائيل، وقلَّ قبول الناس للحق وظهر الكفر، وبلغ مبلغا لم يكن بلغ من قبل، لأن فرعون اللعين ادعا الربوبية، {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ٢٤}[النازعات]. واستعبد بني إسرائيل، فعظم الأمر وازداد الكفر، واتسع الخرق، ونُسي الحق. فلذلك قصرت مدة هذه الفترة، حتى بعث موسى صلى الله عليه مع تلك الآيات العظام، كالعصا، واليد البيضاء، ومجاوزة بني إسرائيل البحر بعد أن انفلق البحر، {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ٦٣}[الشعراء]. وتغريق فرعون اللعين ومن تبعه، إلى غير ذلك من الحجر الذي انفجرت منه العيون، وما كان ظهر قبل ذلك من الجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وغير ذلك مما يطول ذكره.