إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[الباطنية]

صفحة 58 - الجزء 1

  وأنزل عليه التوراة، وبَبّن فيها أحكام الحلال والحرام، وظهر أمره صلى الله عليه أتم الظهور. وإنما كانت أعلام موسى صلى الله عليه أكثر، وآياته أظهر، لأن بني إسرائيل كانوا - والله أعلم - أجهل الأمم، وأغلظهم وأبعدهم عن الصواب، وأبلدهم عن استدراك الحق. ألا ترى أنهم بعدما جاوز الله تعالى بهم البحر، وغرق آل فرعون وهم ينظرون، قالوا لموسى - حين مروا على قوم عاكفين على أصنام لهم -: {يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}⁣[الأعراف: ١٣٨]. واتخذوا العجل وعبدوه، وظنوا أنه إلههم وإله موسى، وأنه نسي.

  فبحسب هذه الأحوال اقتضت الحكمة إيضاح الآيات والأعلام، وتكثيرها لهم.

  ثم بعث يشوع ويونس.

  ثم بعث داود À، وأنزل عليه الزبور.

  وبعث سليمان صلى الله عليه وآتاه الملك، مع تلك الآيات العظيمة.

  ثم بعث بعدهم زكريا ويحيى صلى الله عليهما.

  فكانت الفترة بين موسى وعيسى صلى الله عليهما نحو ألفي سنة، لِعظَم آيات موسى، وعظم الكتاب الذي أنزل معه، ولما بعث