إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الباب الأول البيان عن إعجاز القرآن

صفحة 62 - الجزء 1

الباب الأول البيان عن إعجاز القرآن

  إن سأل سائل فقال: ما الدليل على أن القرءان معجز؟

  قيل له: الدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه ادعا النبوة، وأتى بالقرءان، وادعا أنه معجز قد أنبأه ø به، وجعله دلالة على صحة دعواه، وبرهانا على صدقه، وتحدى به العرب قاطبة، وقرعهم بالمعجز عن الاتيان بمثله، بل بسورة مثله. وفيهم الخطباء، والشعراء، والبلغاء، وهم الغاية في البيان، وأولو المعرفة بمواقع الكلام، وأجناسه وأساليبه من المنثور والمنظوم، ولهم العادة المشهورة في التفاخر بالبلاغة والفصاحة. والمعرفة بطرق المعارضات، ومزايا المخاطبات، مع ما كانوا عليه من الحمية والأنفة والعصبية، ومع شدة حرصهم على تكذيبه، وتوهين أمره، وإبطال دعواه، حتى بذلوا لذلك ما عز وهان من النفس فما دونها. وهو صلى الله عليه يتحداهم، ويقرعهم بالعجز، ويدعي أنه حجته وبَيِّنته، ويذم مع ذلك أديانهم، ويسب آلهتهم التي اتخذوها من دون الله ø، ويدعوهم إلى طاعته، والتصرف على أمره ونهيه، واستمر على ذلك زمانا بعد زمان فلم يعارضوه، وعدلوا إلى الحرب التي هي أشق، فقاتلوا حتى قَتَلوا وقُتِلوا.