الكلام في أن التحدي قد وقع
الكلام في أن التحدي قد وقع
  إن قيل: إنكم بنيتم دلالتكم هذه على أن النبي ÷ تحدى العرب بالقرءان، فدلوا عليه وبيِّنوه، ليستتب غرضكم، ويتم ما ذكرتموه.
  قيل له: قد ذهب كثير من العلماء، ومجيدو العلم، بأنه ÷ تحدى به ضرورة، كالعلم بأنه ادعا النبوة، وأتى بالقرءان، وإن كان العلم بهذين أجلُّ من العلم بالتحدي.
  قالوا: ولا يمتنع في العلمين وإن كانا ضروريين أن يكون أحدهما أجلى، والآخر دونه في الجلاء. ونحن لا نذكر هذه الطريقة، إلا أنا لا نقتصر عليها، ونوضح الأمر فيه إيضاحا نرجو أن تزول معه الشبهة.
  وإن الخبر إذا كان في الأصل قويا، وموجبا للعلم لا يمتنع مع تطاول المدة، وتراخي الزمان أن يعرض فيه بعض الضعف، سيما عند من يقل نظره في الأخبار، وسماعه لها. وقد كان الأمر في التحدي ظاهرا في الأعصار السالفة، حتى لم يبلغنا عن مخالف الاسلام من ملحد أو متهود أو متنصر إنكاره، حتى حدث بالآخرة قول بلغنا عن بعض الملحدة والمتهودة. وهو أنهم قالوا: لم يحصل لنا العلم بأن النبي ÷ تحدى به. ولظهور الأمر فيه حقق العلماء القول فيه.