قوله تعالى: {يسئلونك ما ذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه}
  الأول: تخريج أبي طالب للقاسم، والهادي، وهو قول الناصر، والصادق، ورواية عن زيد، وابن عمر، وطاوس(١): أن المراد بذلك ذوات الأنياب كالكلب، والفهد إذا علّم، دون جوارح الطير ذوات المخالب كالبازي، والصقر، والشاهين، والعقاب ونحوها؛ لأنه تعالى قال: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ} وهذه لا تعلّم، بل تأخذه في حال جوعها لنفسها، وقد قال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} وهذه أمسكت لنفسها، وإذا ثبت ذلك فهي غير مذكاة فدخلت في الميتة.
  وقال أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، وعامة الفقهاء، ورواية عن زيد: إن الجوارح التي يحل صيدها ما قبل التعلم من ذي ناب، كالكلب، والفهد، والنمر، وذي مخلب كالطير المذكورة.
  قال في النهاية: حتى الهر إن تعلم، واحتجوا بعموم الآية.
  [سبب النزول]
  وسبب نزول الآية في حديث عدي بن حاتم، وزيد الخيل، فإنهما قالا: إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة.
  وقالوا: إن حد تعليمها أن تأتمر ولو حال جوعها، لكن اشترط أبو حنيفة، والشافعي في أحد قوليه: أن لا تأكل منه كما تقدم، وقال: ابن عمر ومجاهد: لا يحل إلا صيد الكلب فقط؛ لأن قوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ} يشير إلى قصر ذلك على الكلب.
  وقال الحسن البصري، والنخعي، وأحمد، وإسحاق: يحل من كل شيء إلا الكلب البهيم؛ لأنه قد أمر بقتله، وقال قوم: لا يحل إلا صيد الكلب، والبازي.
(١) [وهو المختار] في بعض النسخ ما بين القوسين ثابت، وفي أحاشية.