وقوله تعالى: {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب}
  أُوتُوا الْكِتابَ} والتقدير: وأحل لكم المحصنات من المؤمنات، قيل: أراد ب {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ} الحرائر، وقيل: العفائف.
  قال جار الله: إنما خصهن بالذكر مع صحة نكاح الأمة المسلمة، وغير العفيفة(١) بعثا على تخير المؤمنين لنطفهم.
  وقيل: أراد الحرائر عن مجاهد، وأبي علي: فلا تحل الأمة مع القدرة على طول الحرة، كقول الأئمة، والشافعي، خلاف أبي حنيفة.
  وعن الحسن والشعبي وسفيان وإبراهيم: أراد العفائف فلا تمنع الأمة مع الطول كقول أبي حنيفة.
  وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} ظاهر الآية جواز نكاح الكتابية وهذا مذهب أكثر الفقهاء، والمفسرين، ورواية عن زيد بن علي، والصادق، والباقر، واختاره الإمام يحيى بن حمزة وقال: إنه إجماع الصدر الأول من الصحابة، وإن عثمان قد نكح نائلة بنت الفرافصة وهي نصرانية، فلما توفي عثمان خطبها معاوية فقالت: وما يعجبك مني؟ قال: ثنيتاك. فقلعتهما وأمرت بهما إليه، ونكح طلحة نصرانية، ونكح حذيفة يهودية.
  وقال القاسم، والهادي، والناصر، ومحمد بن عبد الله، وعامة القاسمية، وهو مروي عن ابن عمر: إنه لا يجوز لمسلم نكاح كافرة؛ كتابية كانت أو غيرها.
  واحتجوا بقوله تعالى في سورة البقرة: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ}[البقرة: ٢٢١] قالوا: هذا في المشركات، لا في الكتابيات.
(١) لعله يريد: حيث لم يكن قد تحقق كونها زانية، وإلا حرم، وقد صرح به صاحب الفتح، حيث قال: ويرحم تزويج زانية أصرت، ويجب تطليقها، قال في شرحه: كما ذكره في الكشاف، ومثله في البيان.