وقوله تعالى: {من أنصاري إلى الله}
  فقال الأولون: الباء في اللغة لإلصاق الفعل بالمفعول فيجب التعميم، وقد ترد زائدة.
  وقال الآخرون: هي هنا للتبعيض كما تقول: مسحت يدي بالمنديل، ومسحت برأس اليتيم.
  قلنا: التبعيض عرفا، بدليل أن التبعيض يبقى مع حذف الباء، وبدليل أنه لو قال: أخذت بجميع زمام الناقة أن يكون مناقضا.
  قالوا: إذا احتملت عمل بالمتيقن(١).
  قلنا: إذا جعلناها زائدة فلا احتمال(٢).
  قالوا: في الحديث الذي خرجه مسلم من رواية المغيرة أنه ÷ مسح على ناصيته.
  قلنا: في الحديث أنه ÷ مسح بجميع رأسه وقال: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به».
  وفي حديث علي # - أنه علم الناس وضوء رسول الله ÷ فمسح رأسه مقبلا ومدبرا.
  وفي حديث طلحة بن مصرّف عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله ÷ مسح مقدم رأسه حتى بلغ القذال من مقدم عنقه.
  قالوا: هذا جمع بين الواجب والمسنون؛ لذلك اقتصر على الناصية.
  وتأويل هذا الحديث: بما لا يفيده الظاهر مردود لعدم الدلالة على التأويل، والشافعي أخذ بالمتيقن فلم يحد الممسوح بحد، ولا حد في الماسح بحد.
(١) المتيقن: هو البعض.
(٢) وجوابه أن الزيادة خلاف اصل. والله أعلم (ح / ص).