وقوله تعالى: {من أنصاري إلى الله}
  عطف على الوجه واليدين، والمعطوف يشارك المعطوف عليه في اللفظ والحكم.
  فقال الأولون: قراءة النصب ظاهرا يفيد الغسل، وقراءة الجر ظاهرها يفيد المسح، فلما حصل ما يرجح الغسل تأولنا ما أفادته قراءة الجر في الظاهر.
  والمرجح للغسل أمور:
  الأول: ما ورد من أخبار منها: قوله ÷ للأعرابي الذي سأله عن الوضوء: «توضأ كما أمرك الله، فاغسل وجهك ويديك، وامسح رأسك، واغسل رجليك».
  ومنها: أنه ÷ رأى جانبا جافا من عقب مصل، فقال: «يا صاحب الصلاة إني أرى جانبا من عقبك جافا، فإن كنت أمسسته الماء فامض، وإن كنت لم تمسه الماء فاخرج من الصلاة» فقال: يا رسول الله كيف أصنع؟ أستقبل الطهور؟ قال: «لا بل اغسل ما بقي».
  وفي حديث عنه ÷ أنه قال: «يا علي خلل بين الأصابع لا تخلل بالنار).
  الأمر الثاني: أنه ÷ قد غسل قدميه، ففي حديث أبي رافع عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله ÷ توضأ فغسل رجليه ثلاثا.
  وعن علي #: أنه توضأ فغسل رجليه ثلاثا، وقال: «هذا طهور رسول الله ÷).
  وعنه ÷: «لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الوضوء مواضعه، فيغسل وجهه وذراعيه، ويمسح رأسه ويغسل رجليه».
  وفي حديث (أنه لما رأى ÷ قوما توضئوا وأعقابهم بيض تلوح، فقال: «ويل للأعقاب من النار»، وفي حديث: «ويل للعراقيب من النار».