وقوله تعالى: {صعيدا طيبا}
  قلنا: يعارض ذلك بما روي عن عائشة، قالت: قبلني رسول الله ÷ فلم يحدث وضوءا.
  وعن أم سلمة أن رسول الله ÷ كان يقبلها وهو صائم، ولا يفطر، ولا يحدث وضوءا.
  ونتأوّل ما رووا من أمره ÷ للذي قال له: نلت من امرأتي ... إلى آخره: أن ذلك الرجل قد خرج منه خارج، أو لأجل معصيته.
  وفي النهاية عن مالك: ينقض إذا كان لشهوة، سواء كان بحائل أم لا إلا القبلة فلا يشترط فيها الشهوة.
  قال صاحب النهاية: والذي اعتقده أن دلالة اللمس على الجماع أظهر إن كان مجازا(١)؛ لأن الله تعالى قد كنى عنه باللمس، والمباشرة، والمماسة.
  وقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} هذا الأمر الثاني، وهو بيان ما يتيمم به، والتيمم في اللغة هو القصد، ومنه قوله تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} وعليه قول الشاعر:
  فإن تك خيلي قد أصيب صميمها ... فإني على عمد تيممت مالكا
  ثم استعمل في الشرع للطهارة بالتراب.
  وقوله تعالى: {صَعِيداً طَيِّباً}، الصعيد في اللغة هو التراب، وقيل: ما تصعد على وجه الأرض من أجزائها، وقيل: مشترك، فإن تيمم بالتراب جاز إجماعا إذا كان طيبا، وإن تيمم بغيره من أجزاء الأرض كالحجارة، والرمل، والكحل، والحجر الصلب، ونحو ذلك فظاهر مذهب الأئمة، والشافعي: لا يجوز.
(١) في أساس اللغة للزمخشري: أن اللمس، والملامسة من المجاز.