قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}
  بن الخطاب، فأمر أن يلطم جبلة فاستنكف جبلة من ذلك، واستمهل إلى الغد، وفر ليلا، ولحق بالروم وتنصر، ثم ندم على ما فعل، وقال في ذلك أبياتا(١):
  تنصرت بعد الحق عارا للطمة ... ولم يك فيها لو صبرت لها ضرر
  فأدركني فيها لجاج حمية ... فبعت لها العين الصحيحة بالعور
  فياليت أمي لم تلدني وليتني ... صبرت على القول الذي قال لي عمر
  وهذا الذي حكي عن عمر ¥ من ثبوت القصاص في اللطمة، هو مذهب الهادي #(٢)، والليث بن سعد(٣)، خلافا للمؤيد بالله، وأبي حنيفة، والشافعي، وستأتي هذه المسألة.
  عدنا إلى تلخيص هذا الحكم: إن قيل: هذا دليل على نهي المرتشي
(١) وبعدها:
فياليتني أرعى المخاض بقفرة ... وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر
ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة ... أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
وفي نسخة أ (الذي قاله عمر).
(٢) وهو اختيار المؤلف، والإمام شرف الدين (ذكره في شرح الفتح).
(٣) الليث بن سعد بن عبد الرحمن المصري، أبو الحارث، قيل: اصله من الفرس من أهل اصبهان، وليس بصحيح، والمشهور أنه فهمي، بطن من قيس غيلان في مصر، قرية اسمها فهم، بينها وبين القاهرة ثلاثة فراسخ، روى عن عطاء، ونافع وابن الزبير وخلق، وعنه ابن عجلان، وابن المبارك، وابن لهيعة، وخلق.
عن الشافعي: كان الليث أفقه من مالك، ولكن ضيعه أصحابه، وقال ابن بكير: هو أفقه من مالك، والحظوة لمالك، وما رأيت مثل الليث، كان فقيها، عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، والشعر، والحديث، وقال ابن سعد: ولد سنة ٩٤ هـ وكان ثقة، كثير الحديث، صحيحه، واستقل بالفتوى في زمانه بمصر، وكان سريا سخيا، وقال أحمد: الليث كثير العلم، صحيح الحديث، ما في المصريين أثبت منه، وقال ابن معين: ثقة، وقال ابن المديني: ثبت، وقيل له: نسمع منك الحديث، وليس في كتبك، فقال: أو كلما في صدري في كتبي، لو كتبت ما في صدري في =