وقوله تعالى: {فكفارته}
  وقال مالك في الرواية الظاهرة، والثوري، والأوزاعي، والليث: إنه يجوز مطلقا، واحتج الشافعي بقوله ÷ في روايته في للخبر: (فليكفر عن يمينه ثم ليأت الذي هو خير) فجوز التكفير قبل الحنث.
  أجاب أهل المذهب: بأنا نحمل ثم هنا على المجاز، وأنها لغير الترتيب؛ لما ثبت أن فعل الشيء قبل وجوده لا يصح، كالصلاة والصوم قبل دخول وقته.
  قال في النهاية: للخلاف سبب آخر، وهو: هل الكفارة رافعة للحنث أو دافعة له؟ فمن جوز قبل الحنث قال: هي دافعة، ومن قال: لا يجوز قبل الحنث قال: هي رافعة له.
  قال في (شرح الإبانة): وحكي عن سعيد بن جبير، وأصحاب الظاهر: تجب بنفس اليمين مطلقا، لقوله تعالى: {ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ}.
  قلنا: أجمع المفسرون أنه يقدر: وحنثتم، فسبيله سبيل قوله تعالى: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} تقديره: فأفطر.
  ثم إن الكفارة أصناف كما في الآية، وهي الإطعام، والكسوة، والعتق، ثم الصوم، فالثلاث، الأول على التخيير مع تمكنه منها، فإن لم يتمكن إلا من أحدها تعين عليه إخراجه، وإن وصف بأن الباقي واجب عليه، وإنما بدأ بالإطعام وإن كان العتق أفضل إرشادا للتخفيف، والله أعلم.
  وفي الإطعام مسائل:
  الأولى: أنه يجوز تمليكا وإباحة عندنا، وأبي حنيفة، وعند الشافعي لا تجوز الإباحة؛ لأنها ليست بتمليك.
  قلنا: كل واحدة من الصورتين تسمى إطعاما فدخل في إطلاق الآية.