تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام}

صفحة 182 - الجزء 3

  برماحهم، فنهوا عن قتلها، فبينا هم يسيرون إذ عرض لهم حمار وحش فقتله بعضهم، فسئل رسول الله ÷ عن ذلك؟ فنزلت الآيات.

  قيل: وقد امتحن الله تعالى أمة محمد ÷ بصيد البر، كما امتحن بني إسرائيل بصيد البحر.

  ولهذه الآيات ثمرات:

  منها تحريم قتل بعض الصيد على المحرم؛ لأنه تعالى قال: {بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} فدل أن المحرّم بعضه، وأن بعضه حلال⁣(⁣١)، وهذا الصيد هو البري بلا خلاف؛ لأنه تعالى قد قال بعد هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً}⁣[المائدة: ٩٦].

  وصيد البر ما يتوالد في البر، وصيد البحر ما يتوالد فيه، ذكر ذلك الحاكم، فعلى هذا يكون الجراد برّيا، وقد ذكره في الشرح، وإذا كان بريا فهل يجوز للمحرم أم لا؟

  فقال الحاكم: أجمعوا أنه حلال للمحرم، وأنه مخصوص من الآية، وأنه كصيد البحر، وفي الشرح روي عن علي # من طريق زيد بن علي أنه قال: «في الجرادة قبضة من الطعام» وروى ذلك عن ابن عباس، وابن عمر، وروي عن عمر أنه قال: تمرة خير من جرادة، وهذا قول أبي حنيفة، والشافعي.


(١) يقال: ليس في الآية ما يدل على تحريم قتل بعض الصيد، وحل بعضه، وإنما فيها الابتلاء بشيء منه، وهو ما غشيهم فقط، والابتلاء الاختبار، فالأنسب أن يقال: إن الآية دلت على تحريم الصيد عموما في قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} لأن لفظ الصيد من صيغ العموم، وخرج صيد البحر من العموم بقوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ} الآية بعد هذه، والله أعلم، وفي البغوي: وإنما بعض فقال: {بِشَيْءٍ} لأنه ابتلاهم بصيد البر تغشاهم.