وقوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما}
  الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} وقد روي هذا عن أبي هريرة، وعطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وسواء صاده لأجله أم لا، إذا لم يدل ولم يشر.
  وقال مالك، والشافعي، وأحمد: لا يباح له ما صيد لأجله، هكذا في الكشاف.
  وقال القاسم، والهادي: يحرم على المحرم ما ينطلق عليه اسم الصيد من صيد البر، ويجعلون التحريم يتعلق بالصيد، سواء قتله المحرم أو غيره، فدلالة الآية الكريمة محتملة أن التحريم متعلق بالصيد أو بالاصطياد؛ لأن الصيد مشترك بين الفعل وبين المصيد، وهذه مسألة أصولية هل يصح أن يراد باللفظة المشتركة كلا معنييها أم لا؟ على تفاصيل بينهم(١)، فإذا قلنا بالصحة حرم على المحرم التصيد والمصيد معا، وسواء صاده هو أو غيره، وإذا قلنا: لا يطلق على معنييه رجع إلى الترجيح والاستدلال على المراد، وقد ذكرنا تعلق أبي حنيفة بقوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فجعل النهي يتعلق بالتصيد.
  قال في النهاية: وقد أجمعوا أنه يحرم على المحرم ما صاده، وقد ورد حديث الصعب بن جثامة(٢) قال: أهديت إلى النبي ÷ لحما من حمار وحش) وفي رواية (فخذ حمار وحش) وفي حديث (رجل حمار وحش) فرده وقال: «إنا محرمون» وفي بعضها: «ليس بنا رد عليك ولكنا محرمون» فعلق التحريم بالإحرام، ولم يقل: هل هو صيد لنا؟ أو هل صاده حلال؟ أو محرم؟.
(١) يصح على المختار إرادة معاني المشترك ما لم يتنافيا.
(٢) الصعب بن جثامة: في طبقات ابن حجر: الصعب - بفتح أوله، وسكون المهملة - ابن جثامة - بفتح الجيم، وتشديد المثلثة - الليثي، صحابي مات في خلافة الصديق على ما قيل، والأصح أنه عاش إلى خلافة عثمان.