قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}
  الحسن: لو تركنا الطاعة لأجل المعصية لأسرع(١) ذلك في ديننا، وكان فعل محمد بن سيرين توهما حتى نبهه الحسن(٢).
  وقد ذكر في هذا مسائل: منها إذا كان نهيه عن المنكر يؤدي إلى منكر أقبح منه، أو أكثر لم يجز النهي، بل ينهى عن النهي.
  ومنها: إذا كان في صلاة أو وضوء وحضر منكر قدّم إزالته على الصلاة، وعلى الوضوء إن كان مضيقا، ولو فاتت الصلاة، ولو صلى لم تجزه صلاته، على ما صحح للمذهب؛ لأنه منهى عن تمامها(٣)، والشيء الواحد لا يكون الإنسان منهيا عنه مأمورا به إذا كان طاعة ومعصية، وهذا قول مالك.
  والمروي عن أبي حنيفة، والشافعي صحة الصلاة؛ لأن عصيانه بترك النهي، وقد يكون تاركا له بغير الصلاة، وهذا أحد احتمالي أبي طالب.
  ومنها: إذا صلى وصبي يغرق، وهو كالأول.
  ومنها: لو أرادوا عقد النكاح بشهود فسقة، وكان مذهب الزوجين اشتراط العدالة، أو بغير شهود، وكان الشهود العدول إذا حضروا فعل منكر، أو ازداد فقيل: لا يجوز الحضور؛ لأنه سبب في فعل المنكر، ولقائل أن يقول: إذا كان أخف من الوطء حراما لزم الحضور، وذلك لأن
(١) أي: نقص.
(٢) قد تقدمت القصة في آخر النساء في قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها} الخ. هذا يؤيد أنه إذا لم يتهم بالرضاء بفعل المحظور جاز له الوقوف، والقياس على القواعد فعل ابن سيرين.
(٣) قوله (لأنه منهي عن تمامها) هذا يناسب قول من يقول: الأمر بالشيء نهي عن ضده.