تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {إن الذين عند ربك}

صفحة 304 - الجزء 3

  الأول: أن يكون في نفسه؛ لأن الخفية أبعد من الرياء.

  الثاني: أن يكون على وجه التضرع، وهو التذلل والخضوع، والاعتراف بتقصيره عما كلف به.

  الثالث: أن يكون خفية أي: على وجه الخوف، والخشية من المؤاخذة، وقد قرئ (وخفية) من الإخفاء، وقيل: أراد بالتضرع الجهر، وبالخفية الإسرار بالقراءة.

  الرابع: أن يكون دون الجهر، قيل: يكون بين الإسرار والجهر المكروه، فكأنه تعالى قال: في نفسه، ودون الجهر، وكأنهما حالتان.

  الخامس: أن يكون {بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ} أي: بكرة وعشيا، وخص هذين الوقتين لاختصاصهما بنوع من الفضل، وقيل: أراد الدوام، والآصال ما بين العصر والمغرب جمع أصيل.

  ثم إنه تعالى نهى عن الغفلة عنه، فإن حمل الذكر على الواجب فهو نهي تحريم، وإن حمل على الندب فهو نهي كراهة.

  وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} يعني: الملائكة، ووصفهم بالقرب تشريفا لهم، والمعنى: أن حال هؤلاء الذين هم في أعظم منزلة في عبادته وتسبيحه مع عصمتهم، فكيف حال المذنب، وفي هذا حث ولطف مرغب في العبادة، وأنه ينبغي أن ينظر العبد إلى من هو فوقه في طاعة الله تعالى، وفي الآية دلالة على تفضيل الملائكة.

  وقوله تعالى: {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} قيل: أراد يخضعون، وقيل: يسجدون في الصلاة.

  قال في التهذيب: وهذه السجدة في آخر الأعراف مشروعة وفاقا.

  قال إبراهيم: إن شاء سجد في آخر الأعراف، وإن شاء ركع.

  وعن أبي حنيفة: كل سجدة في آخر سورة، أو قريبا من آخر السورة - فهو بالخيار إن شاء سجد، وإن شاء ركع.