قوله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لو لا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم}
  أسيرا، فيهم العباس عم النبي ÷، وعقيل بن أبي طالب، فاستشار أبا بكر ¥ فيهم، فقال: أهلك وقومك استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم، وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك، وقال عمر ¥: كذبوك وأخرجوك فقدمهم واضرب أعناقهم، فإن هؤلاء أئمة الكفر، وإن الله قد أغناك عن الفداء، مكن عليا من عقيل، وحمزة من العباس، ومكني من فلان؛ لنسب له فلنضرب أعناقهم، فقال ناس بقول أبي بكر، وقال ناس بقول عمر، فقال ÷: «إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم حيث قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ومثل عيسى حين قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ومثلك يا عمر مثل نوح حيث قال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً} ومثل موسى حيث قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ} وأمر بأخذ الفداء».
  فقال ابن عباس: قال عمر: فلما كان من الغد جئنا إلى رسول الله ÷ فإذا هو وأبو بكر يبكيان، فقال ÷: «أبكي على أصحابك في أخذهم الفداء» لمّا قال: ما يبكيكما؟.
  قال في الكشاف: وكان فداء الأسارى عشرين أوقية، وفداء العباس أربعين أوقية.
  وعن محمد بن سيرين: كان فداهم مائة أوقية، وستة دنانير، والأوقية أربعون درهما.
  ولما نزل قوله تعالى: {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى} الآية.
  قال ÷: «لو نزل عذاب من السماء ما نجا منه غير عمر، وسعد بن معاذ؛ لأن رأيهما كان الإثخان في القتل» ومعنى الإثخان: كثرة القتل، والمبالغة فيه.