تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {وخذوهم}

صفحة 393 - الجزء 3

  قال ابن عباس: معناه دعوهم وإتيان المسجد الحرام.

  وقيل: دعوهم يتصرفون في دار الإسلام لهم ما للمسلمين.

  وقيل: والمراد فكفوا عنهم ولا يتعرض لهم {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: يغفر لهم ما تقدم من الكفر والغدر.

  وهاهنا بحث وهو أن يقال: الأمر بتخلية السبيل متعلق على شروط ثلاثة وهي: التوبة، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فحيث لم يحصل جاز ما تقدم من القتل والأخذ والحصر، فهل تقولون بذلك أو لا تقولون به، فما الوجه في مخالفة ما اقتضاه الظاهر؟

  قلنا: هذه المسألة مبنية على أصل وهو إثبات منزلة بين منزلتين، فمن ارتكب كبيرة لم يحكم عليه بالكفر، ولا تثبت له أحكام الكفار، ولذلك أجمع الصحابة على إقامة الحدود على من شرب أو زنى أو سرق، ولم يجعلوا ذلك يوجب انفساخ نكاحه، وكذلك أثبتوا اللعان ولم يجعلوا زنا الزوجة، ولا قذف الزوج إن كان كاذبا موجبا للفسخ، وهذا مذهب المعتزلة، وهو الظاهر من مذهب الأئمة.

  وقالت الخوارج: إن الفاسق كافر.

  وقال الحسن: إنه منافق.

  وقال المرجئة: إنه مؤمن.

  والفقيه عبد الله بن زيد روى عن كثير من الأئمة أنه كافر، ونفي المنزلة بين المنزلتين واستيفاء الحجج في الكتب الكلامية، فإذا ثبت أن قاطع الصلاة وتارك الزكاة لا يقتل لكفره ففي الآية وجوه:

  الأول: عن الأصم إن ما ذكر في الآية تغليظ في حق الناكث.

  الثاني: أن المراد بالإقامة الإقرار بهما، وأما القتل فتارك الصلاة لا يقتل، وهذا قول المؤيد بالله وأبي حنيفة، وقيل: إنما ذكر ذلك مع