تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فقل لن تخرجوا معي أبدا}

صفحة 467 - الجزء 3

  فقال: أنت عبد الله بن عبد الله الحباب اسم شيطان، يعني اسم الحية؛ لأنه يقال لها: شيطان، فلما همّ بالصلاة قال له عمر: تصلي على عدو الله، فنزلت.

  وقيل: أراد أن يصلي عليه فجذبه جبريل.

  فقال جار الله |: فإن قلت: كيف جازت له تكرمة المنافق وتكفينه في قميصه؟ وأجاب بأن في ذلك وجوها: منها أن ذلك كان مكافأة له على صنيع سبق، وذلك لأن العباس لما أخذ أسيرا يوم بدر لم يجدوا له قميصا، وكان رجلا طوالا فكساه عبد الله قميصه فقال له المشركون يوم الحديبية: إنا لا نأذن لمحمد ولكن نأذن لك، وقال: لا، إن لي في رسول الله أسوة حسنة، فشكر رسول الله له ذلك.

  ومنها: إجابة له إلى مسألته، فقد كان ÷ لا يرد سائلا، وكان يتوقر على دواعي الخير والمروءة، ويأمر بعادات الكرام.

  ومنها: أن ذلك إكراما لابنه الرجل الصالح، فقد روي أنه قال له: أسألك أن تكفنه في بعض قمصانك، وأن تقوم على قبره، لا تشمت به الأعداء، وعلما بان تكفينه لا ينفعه مع كفره.

  ومنها: أن إلباسه له لطف لغيره، وقد روي أنه قيل له: لم وجهت إليه بقميصك وهو كافر، فقال: «إن قميصي لن يغني عنه شيئا من الله، وإني آمل من الله أن يدخل في الإسلام كثير بهذا السبب».

  فيروى أنه أسلم ألف من الخزرج لما رأوه طلب الاستشفاء بثوب رسول الله ÷، ولأن في ترحمه واستغفاره دعاء إلى التراحم والتعاطف؛ لأنهم إذا رأوه يترحم على من يظهر الإيمان دعا ذلك المسلم إلى أن يتعطف على من واطى قبله لسانه، ورآه حتما عليه.