قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون}
  وأما الكفيل فلا إشكال فيما يصح بذله(١) كالأموال، وأما كون الحاكم، والإمام يطلبان كفيلا بأن فلانا لا يغصب فلانا، ولا يعترضه، فهذا لا تدل عليه الآية(٢)، وثبوته من جهة القياس فيه نظر؛ لأنه لا يصح مطالبة الكفيل بأمر من ذلك(٣)، بخلاف الكفالة بالمال والنفس.
  وقد أخذ من هذه الآية: ثبوت هذه الأمور المذكورة، من الإخلاص لله تعالى في العبادة، وثبوت حقوق الوالدين، ويدخل فيه النفقة، ولا فرق في ذلك بين كونهما مسلمين، أو كافرين بالإجماع.
  والآية تدل على الإحسان جملة، وكيفيته وتفصيله موقوف على الدليل.
  واختلف المفسرون في قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}.
  قيل: أراد به الصدق، فلا تحرفوا صفته ÷، وهذا مروي عن ابن عباس، ومقاتل، وسعيد بن جبير، وابن جريج(٤).
(١) في نسخة (بدله).
(٢) وسيأتى البحث في ذلك في آخر الممتحنة.
(٣) في الغيث (تنبيه) أما لو طلب إنسان كفيلا من ظالم [أي: يكفل على الظالم بعدم الاعتراض] في ماله، فذلك غير لازم، ولا يصح، وقد يحتاط بعض القضاة، وفي الكافي عن أبي حنيفة في نظير ذلك أنه ظلم.
(٤) ابن جريج هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، بضم الجيم وفتح الراء مصغرا، وآخره جيم الأموي، مولاهم أبو الوليد، ويقال: أبو خالد أحد العلماء الأثبات، وجهابذة الحديث والفقه، ويقال: هو أول من صنف، روى عن عطاء وغيره، ونقل عنه الهادي في المنتخب في باب الأوقات، بواسطة عبد الرزاق وكان ثقة ثبتا حافظا، ليس فيه مقال، وهو أقدم شيخ لمحمد بن منصور المرادي، وروى له سائر الأئمة توفي سنة ١٥٠ هـ - خمسين ومائة، وقد نيف على التسعين، وأصله من الروم، ثم سكن مكة. (الجنداري).