تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا}

صفحة 218 - الجزء 4

  وقيل: مائتين ذراع، وطوله على وجه الأرض خمسمائة.

  وإرادة الجدار⁣(⁣١) مجاز فأقامه الخضر.

  قيل: رفع الجدار بيده فاستقام⁣(⁣٢) وقد كان قارب السقوط ومال من أسفله عن سعيد بن جبير.

  وقيل: أقامه بمنكبيه حتى قام، وقيل: هدمه، ثم قعد يبنيه عن ابن عباس، فقال له موسى - وكان قد غضب على أهل القرية لكونهم أبوا أن يطعموهما. وقيل: كانوا أهل قرية لئاما - {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً}⁣[الكهف: ٧٧].

  ولهذه الجملة ثمرات:

  منها: حسن دفع الضرر العظيم باليسير، بل وجوبه؛ لأنه دفع بالخرق اليسير ضررا أعظم منه وهو الغصب، ويستوي في ذلك دفع الضرر عن نفسه وعن غيره؛ لأنه دفع عن المساكين الضرر الذي جهلوه، هكذا ذكر الحاكم.

  وقد ذكر أهل الفقه مسائل من هذا:

  منها: إذا وجد الإنسان حيوان غيره يجود بنفسه.

  قال أبو مضر: وجب عليه ذبحه؛ لأن حفظ مال المسلم واجب، فإذا ذبحه وصدقه المالك فلا ضمان عليه، وإن لم يصدقه ضمن، وإن أخل بذبحه أثم ولا ضمان عليه، إلا أن يكون في يده.

  وبنى أبو مضر على أنه يجب الدخول في واجب، وإن خشي من عاقبته التضمين.

  وفرع بعض المتأخرين أنه لا يجب إذا خشي التضمين.

  ومنها: من كان في يده شيء لغيره وخاف من ظالم كان له أن


(١) من قوله تعالى: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ}.

(٢) فهي معجزة تمت.