قوله تعالى: {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا}
  يستفديه بدون قيمته: ذكر هذا أبو جعفر، وصححه لأن عود بعض النفع أولى من عود جميع المضرة.
  وعن الأستاذ: ليس له ذلك، وقد وسع في هذا صاحب قواعد الأحكام، واستلزم أن يدفع أعظم المفسدتين بأحقهما حتى قال: يجوز القتال مع الفاسق لإقامة ولايته دفعا للأفسد.
  وقال: يجوز إعانته على المعصية لا بكونها معصية، بل لكونها وسيلة إلى تحصيل المصلحة الراجحة، كما يبذل المال، في فداء أسرى المسلمين من الكفار.
  وكذا إذا كان الولاة والحكام من الفساق قدم أقلهم فسقا لئلا تفوت المصالح، والله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
  وقد ذكر الأئمة $ أنه يعان أقل الظالمين ظلما على دفع الأكثر لا على أخذه للمال، ولو عرف من إعانته أنه يأخذ أقل مما يأخذ الأكثر أعني قبح. وكذا في النهي عن المناكير، يقدم النهي عن ما هو أكثر قبحا، فيقدم الدفع عن النفس، ثم عن العضو، ثم عن البعض المحرم، ثم عن المال الأعظم، ثم عن الحقير ذكره في القواعد.
  قال: فإن كان الحقير لفقير [يجحف له] والكثير لغني [لا يجحف]؟
  قال: ففيه نظر.
  قال الحاكم: وقد علم الخضر أن أهل السفينة لا يغرقون إذ لو عرف غرقهم فذلك أعظم من غصب السفينة.
  ومن الثمرات:
  أن المنكر المظنون حدوثه في المستقبل كالحاصل؛ لأنه خرق السفينة مع جواز زوال الظالم بموت أو إقلاع، وقد ذكر المؤيد بالله نظير هذا فقال: إذا انهزم البغاة لم يجز قتلهم، إلا أن يظن أنهم إن لم يقتلوا عادوا إلى المبغي عليهم.