قوله تعالى: {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا}
  ومنها: قوله تعالى: {لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ}
  اختلف ما أريد بذلك؟
  فقيل: غفلت، من النسيان الذي هو ضد الذكر.
  وعن أبيّ بن كعب: أنه لم ينس، ولكن هذا من معاريض الكلام التي ينتفي معها الكذب مع إرادة التعريض، كقول إبراهيم #: هذه أختي - يعني سارة - وأراد: إخوة الدين، {إِنِّي سَقِيمٌ}[الكهف: ٨٩] فيستثمر جواز المعاريض.
  ومنها: ما يتعلق بقتل الغلام: -
  وذلك أنه يجوز العدالة(١) بالظاهر؛ لأن موسى سماه نفسا زاكية؛ إما لأنها طاهرة عنده لم يعرف منها معصية، وإما لأنها صغيرة لم تبلغ الحنث.
  وفي هذا بحث وهو أن يقال: ما المبيح للخضر # في قتل هذا الغلام؟ قلنا: في هذا وجوه:
  الأول: أنه كان بالغا، ولكن سماه غلاما لقرب عهده به، وهذا مروي عن الأصم، وهذا كقول الأخيليّة(٢) في الحجاج:
  شفاها من الداء العضال الذي بها ... غلام إذا هز القناة شفاها
(١) أي: الحكم بالعدالة.
(٢) هي ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب الأخيلية من بني عامر بن صعصعة سميت الأخيلية لقول جدها أو لقولها:
نحن الأخايل ما يزال غلامنا ... حتى يدب على العصا
وقيل أبوها الأخيل بن ذي الرحالة بن شداد بن عبادة بن عقيل توفيت في ٨٠ / ه
اذا هبط الحجاج ارضا مريضة ... تتبع اقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العضال الذي بها ... غلام اذا هز القناة سقاها
سقاها دماء المارقين وعلها ... اذا جمحت يوما وخيف اذاها