تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا}

صفحة 221 - الجزء 4

  وقول صفوان لحسان:

  تلق ذباب السيف مني فإنني ... غلام إذا هو جيت لست بشاعر

  وكان أبي يقرأ (وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين)، وهذا يحمل على أنه فسر به.

  وقيل: كان غلاما يعمل بالفساد، وتأذى منه أبواه عن الضحاك.

  وقيل: كان يقطع الطريق، وهذا يبيح القتل إذا كان كافرا، وإن كان قاطعا للطريق محاربا فكذا أيضا ذلك يبيح القتل، ومع الصغر يكون من باب المنكر يبيح القتل للدفع، فهذا وجه.

  الوجه الثاني: أنه كان صغيرا، وهذا محكي عن ابن عباس وغيره، وإذا كان كذلك فما المبيح لقتلة؟

  قلنا: في ذلك وجوه:

  الأول: يوافق القياس في شريعتنا، وهو أن ذلك كالدفع عن الغير إذا فرض أنه قاطع طريق.

  الثاني: أن الخضر # علم أنه إذا أدرك⁣(⁣١) كان على العصيان.

  وروي عن ابن عباس أن نجدة الحروري كتب إليه كيف جاز قتله، وقد نهى النبي ÷ عن قتل الولدان؟ فكتب إليه: إن علمت من حال الولدان ما علم عالم موسى فلك أن تقتل. ونجدة كان خارجيا منسوب إلى حروراء - بالمد والقصر - وهو اسم موضع قريب من الكوفة: ذكره ابن الأثير.

  الوجه الثالث: أن في قتله لطفا لأبويه، واللطف الذي يدفع عن الطغيان والكفر واجب، ولهذا بين الخضر الوجه بقوله: {فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما} قيل: هو من قول الخضر، وقيل: من قول الله: عن الأصم.


(١) أي بلغ تمت.