قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}
  اعتبر ما يلحق المعرة والغضاضة منه، ويفهم منه إرادة إضافة الزنى، وحجة الجمهور الحديث المشهور أن رجلا قال للنبي ÷: إن امرأتي لا ترد يد لامس، فقال له: «طلقها» ولم يجعله قاذفا: وهذا مروي عن علي #، وابن مسعود، والأول مروي عن عمر.
  قلنا: الحدود تدرأ بالشبهات.
  قال صاحب النهاية: إن أكثر استعمال التعريض بها كانت قذفا وإلّا فلا، وهاهنا فروع:
  منها: إذا قال رجل لامرأة: زنى بك فلان ففي شرح التحرير ما يقتضي أنه ليس بقاذف للامرأة، لجواز أن تكون نائمة أو مكرهة.
  وفي (شرح الإبانة): أنه يكون قاذفا لها، ورجح الأول(١)، وأما الرجل فيكون قاذفا له.
  الفرع الثاني: إذا قال لعبد: من شراك أو من باعك زان كان قاذفا للبائع أو للمشتري، فإن تعددوا فللآخر؛ لأن من بمعنى الذي وهي إشارة إلى القريب، هكذا في الشرح، لا لو قال: من يشتريك أو من يبيعك فليس بقذف.
  الفرع الثالث: إذا خاطب امرأة فقال لها: يا زان فقال المرتضى: يحد إذا اعترف أنه أراد به الزنى منها، وهذا مجمع عليه.
  وقال أبو طالب: يحد إلّا أن يدعي أنه أراد رجلا.
  وقال أبو حنيفة: يحد مطلقا، ومنشأ الخلاف في وضع العبارة ما يفيد، فقال أبو طالب: إسقاط علامة التأنيث معهودة في مخاطبة النساء كطالق أو حائض، ولأن التعويل على فهم المعنى لا على اللفظ، كما لو قال للمذكر: زنيت بكسر التاء وللمؤنث بفتح التاء.
(١) لعدم إسناد الفعل إليها تمت.