قوله تعالى: {فاجلدوهم ثمانين جلدة}
  واحد كأن يقول: أنتم زناة، أو بألفاظ كأن يقول: أنت يا فلان زان، وأنت يا فلان زان، وأنت يا فلان زان.
  القول الثاني: مذهبنا وأخير قولي الشافعي: أنه إذا قذف جماعة بلفظ أو بألفاظ وجب الحد لكل واحد.
  قال في النهاية: وهو قول البتي، وابن حي، حتى قال ابن حي: لو قال من دخل هذه الدار فهو زان، جلد لكل من دخلها.
  القول الثالث: قول الشافعي - في القديم -، وابن أبي ليلى، والشعبي: إن كان القذف بلفظ واحد فحد واحد، وإن كان بألفاظ فلكل واحد حد.
  وسبب الخلاف أن أهل المذهب والشافعي قالوا: إن الله تعالى أوجب على كل من قذف محصنة حد، فإذا قذف عدة من المحصنات وجب لكل واحدة حد، كما أن الله تعالى أوجب على كل من قتل مؤمنا خطأ دية، فمن قتل عدة من المؤمنين لزمه لكل واحد دية، ولأن المعرة والمضرة تثبت لكل مقذوف حقا فلا تتداخل كسائر حقوق الآدميين، ولأن موجب القذف هنا الحد فلا يتداخل، كما أن موجب قذف الزوجة اللعان، وهو إذا قذف زوجاته لم يتداخل اللعان، وأنه لو عفا عن أحدهم لم يسقط حد الباقين، وذلك كجماعة قذفوا رجلا واحدا فعلى كل واحد منهم حد، ولا يسقط إن عفا عن أحدهم عن الآخرين.
  أن قيل المطالبة حق للمقذوف، والحد حق لله تعالى.
  قلنا: هذا لا يفيد كما تتكرر الكفارة إن قتل جماعة خطأ.
  وقال أبو حنيفة ومالك: وحديث هلال بن أمية قضى بأنه لا يتكرر؛ لأنه لما قذف امرأته بشريك بن سحماء لاعن ÷ بينهما، ولم يحد لشريك.