قوله تعالى: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}
  وقال داود، وعطاء، وعمرو بن دينار: إنها واجبة على السيد إذا طالب العبد بقدر قيمته لا بدونها.
  وسبب الخلاف: أن الموجبين تمسكوا بظاهر الأمر وقالوا: أصل الأمر أنه على الوجوب، وأهل القول الأول قالوا: هو أمر ندب، وألجأهم إلى حمل الأمر على الندب إرادة الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ}[البقرة: ١٨٨].
  وقوله ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» ولأن الأصول تقتضي أنه لا يجب إجبار أحد على إخراج ماله عن ملكه.
  قال في التهذيب: وروي عن عمر: أنه أمر أنس بن مالك أن يكاتب سيرين والد محمد بن سيرين فأبى فضربه بالدرة، وكاتبه، وإنما يستحب إذا علم الخير منه، والمراد بالعلم الظن، والخير يطلق على الدين والمال، ولهذا قال تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْراً}[البقرة: ١٨٠].
  وقد اختلف المفسرون في تفسير الخير المذكور في الآية(١):
  فقيل: هو القوة على الكسب، والوفاء بموجبها: عن ابن عمر، وابن زيد ومالك، والثوري، ورواية عن ابن عباس.
  وقيل: هو المال، وذلك رواية: عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وعطاء.
  وقيل: الإسلام والوفاء: عن الحسن.
  وقيل: صدقا، ووفاء عن إبراهيم(٢)، وأبي صالح، وابن زيد.
(١) أي في قوله تعالى: إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً تمت.
(٢) النخعي تمت.