قوله تعالى: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}
  ويخرج الكافر؛ لأن الخير الدين، لكن إن فعل صح، ومسائل الكتابة مأخوذة من السنة والاعتبار.
  وأما الأمر الثاني وهو الإيتاء فقد قال تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ} وقد اختلف العلماء في تفسير الإيتاء الذي أمر الله به:
  فالذي ذكره الإخوان المؤيد بالله، وأبو طالب - وهو قول أبي حنيفة، وأصحابه -: أن هذا أمر بأن يعان المكاتب من الزكاة ما يستعين به في كتابته؛ لأن ذلك أمر للسيد؛ لأنه لا يجبر على إسقاط ماله كسائر أيمان المعاوضات، ولأن الله تعالى قد ذكر في آية الصدقة قوله تعالى: {وَفِي الرِّقابِ}[التوبة: ٦٠]: وهذا قول الحسن، وزيد بن أسلم، ويجوز لسيده أخذ ما يسلم إلى المكاتب من الزكاة، وإن كان غنيا وهاشميا؛ لأنه أخذ بعوض فأشبه ما لو شرى الزكاة من الفقير، أو أهداه الفقير إليه.
  والقول الثاني: - مروي عن إبراهيم، وكثير من المفسرين -: أن هذا خطاب لجميع المؤمنين أن يعينوا المكاتب على التخلص.
  القول الثالث: أن هذا خطاب للموالي الذين كاتبوا أن يحطوا شيئا من مال الكتابة، أو إذا قبضوه ردوه.
  ولكن اختلفوا هل ذلك أمر إيجاب أو أمر ندب؟
  فقال الشافعي: أمر إيجاب، وقدر المحطوط بماله قيمة.
  وعن مالك: ربع مال الكتابة: وهذا قول الثوري، وأبي علي.
  قال الثوري: وذلك استحباب.
  وقال عطاء وقتادة: لا تقدير في ذلك.
  وقال أبو مسلم: الإيتاء يحتمل وجهين:
  أحدهما: أن السيد يجري على العبد طعامه وكسوته.