قوله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}
  قال الإمام: والشعر النابت في الحلق ليس من اللحية، فلا بأس بإزالته، وإذا طالت اللحية، فأخذ ما زاد على القبضة فلا بأس به عند الأكثر، وقد فعله ابن عمر، وجماعة من التابعين، وقال باستحبابه الشعبي، وابن سيرين(١)، والنخعي، وكره ذلك الحسن البصري(٢)، وقتادة، والمختار: أنها إن تفاحشت في الطول حتى بلغت السرة فالمستحب قصرها على الحد المتعارف في الأكثر؛ لئلا يعرض نفسه للمقت، والسخرية، ويكره الزيادة فيها، من تطويل الشعر النابت في الصدغين. واللحية زينة الرجال.
  وعن بعض المفسرين في قوله تعالى: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ}[فاطر: ١] أنها اللحى وفي الحديث: «إن لله تعالى ملائكة إذا حلفوا قالوا: والذي زين بني آدم باللحى».
(١) أبو بكر محمد بن سيرين البصري الإمام، كان أبوه عبدا لأنس، فكاتبه، روى محمد عن أبي هريرة وابن عمر، وابن الزبير، وعمران بن حصين، وغيرهم، وعنه قتادة، وأيوب، وخالد الحذاء، وهو أجل الفقهاء في البصرة، قال الذهبي: عليكم بابن سيرين، وكانت له اليد الطولى في تفسير الرؤيا، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وتوفي تاسع شوال سنة ١١٠ هـ بالبصرة، بعد الحسن البصري بمائة يوم، ولما مات أنس بن مالك ¥ أوصى أن يصلي عليه ابن سيرين، ويغسله، وكان محبوسا فاستأذنوا، فخرج فغسله وصلى عليه، ورجع السجن، ولم يصل إلى أهله.
(٢) الحسن البصري هو: الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه سيار، علامة التابعين، ورأس الطبقة الثالثة، قال الذهبي: الحسن سيد التابعين في زمانه بالبصرة، كان ثقة حجة، عظيم القدر، حدث عن أنس، وأبي برزة، وابن عمر، واختلف في أخذه عن علي #، ففي أمالي أبي طالب أنه روى عنه، وأنكره بعضهم، وروى عنه عالم من الناس، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، وقدم البصرة بعد مقتل عثمان، فكان يعظ الناس، فإذا وعظ تغلقت البصرة، وهو أحد المفسرين، ومرسلاته ضعيفة عند أهل الحديث، توفي سنة ١١٦ هـ، وله ثمان وثمانون سنة.