قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها}
  التوصل إليه بالصدق والكذب، فالكذب حرام؛ لأنه لا يحتاج إليه، وإن لم يمكن إلا بالكذب، وإن كان المقصود واجبا كأن يختفي رجل من ظالم خوف القتل فالكذب واجب، وذلك بأن يخفيه، وإن كان المقصود مباحا فالكذب مباح، فلو كان معه وداعة لغيره وطلبها الظالم ليأخذها فالكذب واجب، ولو أخبر بها ضمنها، والأحوط أن يوري ولو حلف ما هي معه لزمه الحلف، ويوري في يمينه، فإن لم حنث على الأصح.
  وقيل: لا يحنث، وهذا كلام النواوي، فصار الكذب حراما وواجبا ومكروها، ومباحا، فالحرام حيث لا تدعو ضرورة دينية إليه، ولا يوهم من جوار وضع الأخبار في الترغيب في الطاعات والتشديد في المعاصي خطأ، ذكره في منتخب الأحياء؛ لأن ذلك يؤدي إلى عدم الثقة في الشرائع، والواجب حيث يحصل بالصدق قبيح، والمكروه أن يوري فيما لا ضرورة فيه؛ لأن فيه تغريرا بالسامع، وخداعا، وفي منتخب الأحياء جعله حراما أعني التورية التي لا يحتاج إلى مقصودها.
  والمباح هو ما لا يمكن التوصل إلى المحمود إلا به، ولم يكن المقصود واجبا، وينظر في صورة المباح، وقد تقدم طرف من هذا، وقد ذكر من هذا، أو قد ذكر الكثير من أهل العلم في التورية آثارا كثيرة.
  وفي حديث نعيم بن مسعود أنه قال لقريش وغطفان: إن بني قريظة قد صالحوا محمدا كذبا وهو واجب، وظاهره من غير تورية، فهذا حكم، وقد تقدم ذكر هذا.
  الحكم الثاني: جواز مخالطة الكفار، والإيهام بأنه على ملتهم لمصلحة، وفي قصة أهل الكهف وهو ما حكى الله سبحانه من قوله: {وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً}[الكهف: ١٩] نظير هذا.
  الحكم الثالث: أن أمر رسول الله ÷ بتأخير الفرض لازم، ويأتي