قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود}
  وعن ابن عيينة: لا يكون الظالم إماما قط، وكيف يجوز نصب ظالم للإمامة؟ والإمام إنما هو لكف الظلمة، فإذا نصب من كان ظالما في نفسه، فقد جاء المثل السائر: من استرعى الذئب ظلم.
  قال الحاكم: واحتج بعض الرافضة بالآية أن الإمامة لا يستحقها من ظلم مرة، ورام بذلك الطعن في إمامة أبي بكر وعمر، قال: وهذا لا يصح؛ لأن العهد إن حمل على النبوة فلا حجة، وإن حمل على الإمامة فمن تاب من الظلم لا يوصف بأنه ظالم، ولم يمنعه تعالى من نيل العهد إلا حال كونه ظالما، وهذه القراءة الظاهرة.
  وقرئ في الشواذ {الظالمون} وهي مروية عن ابن مسعود، ومعناها: معنى القراءة المشهورة؛ لأن ما نالك فقد نلته.
  قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[البقرة: ١٢٥]
  هذه الآية تفيد أحكاما منها: أنه تعالى تعبد أن يثاب إلى البيت، ولم تبين هل لحج أو لعمرة أو طواف أو صلاة؟ فكانت مجملة تحتاج إلى البيان.
  وقيل: المراد الطواف؛ لأنه المختص بالبيت.
  ومنها: ذكر الأمن، قال الحاكم: فيحتمل أن ذلك خبر لا أمر، والأمن من فعله تعالى بأن جعلهم لا يألفهم جدب بل تجبى {إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ}، أو لطف بهم بأن عظم حرمته في قلوب الناس، فكان من فيه آمنا على ماله ونفسه، ويتخطف الناس من حوله.
  ويحتمل أنه على طريق الأمر بأن يؤمن من دخله، ويتعلق بهذا مسألتان.