تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود}

صفحة 223 - الجزء 1

  الأولى: في صيد الحرم، فإنه لا يجوز قتله، ولا إفزاعه لقوله تعالى في سورة آل عمران: {وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً}⁣[آل عمران: ٩٧] وهذا خبر في معنى الأمر، حتى لا يخالف مخبره، وقوله تعالى في سورة العنكبوت: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً}⁣[العنكبوت: ٦٧]

  ولهذه الآية وهي قوله: {مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً}، وفي الحديث عنه ÷ (مكة حرام، حرمها الله تعالى، لا ينفر صيدها، ولا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا يسفك فيها دم) وفي الحديث (إن إبراهيم الخليل # - حرم الله بيت الله، وأمّنه، وأنا حرمت المدينة، ما بين لابتيها، لا يصاد صيدها، ولا يقطع عضاهها).

  وقوله: «وأمنه» سمعته في الكوكب⁣(⁣١) بوجوه ثلاثة: وأمنه - بسكون الميم مخففة، وأراد الحرم، وبفتحها مشددة، وأمنه - وبفتحها مخففة، وآمنه، فإذا ثبت تحريم صيده، كان ذبحه لا يوجب حله، وتجب قيمته، ولو صاده من الحل، وأدخله إلى الحرم حيا صار من صيد الحرم عندنا خلافا للشافعي، وله أن يرمى من الحرم إلى الحل عندنا خلافا للشافعي.

  المسالة الثانية: لو حل دم انسان لقصاص، أو ردة، أو حدّ، فالتجأ إلى الحرم، فإنه لا يقتل فيه عندنا وأبي حنيفة؛ لما تقدم من الآيات في أمان من دخله، قالت الحنفية، وأبو جعفر: لكن لا يطعم ولا يسقى، ولا يبايع، فمتى خرج اقتص منه، وقال الشافعي: إنه يستوفى في الحرم ما وجب عليه، لقوله تعالى في سورة البقرة: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}⁣[البقرة: ١٩١].

  قلنا: هذا محمول على غير الحرم جمعا بين الأدلة، ولقوله تعالى في سورة البقرة: {وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ


(١) الكوكب: كتاب لأبي العباس أحمد بن معد التجيبي، وهو صاحب النجم، وكلاهما في الحديث.