تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {بين يدي الله ورسوله}

صفحة 238 - الجزء 5

  وقال أبو حنيفة: إن صامه بنية التطوع جاز، وإن انكشف أنه من رمضان أجزأه، وإن صامه بنية رمضان كره.

  إن قيل: ما سبب هذا الخلاف؟

  قلنا: من استحب صومه تعلق بثلاثة وجوه:

  الأول: ما رواه أبو طالب عن ابن أبي شيبة، عن أم سلمة، أن النبي ÷ كان يصومه.

  الثاني: أنه مروي عن علي #، وفي الحديث عن علي #: (لأن أصوم يوما من شعبان أحب إليّ من أن أفطر يوما من رمضان).

  الوجه الثالث: عموم الترغيب في الصوم، نحو قوله صلّى الله عليه:

  «يقول الله تعالى: الصوم لي وأنا أجزي به» ونحو ذلك.

  ووجه رابع: وهو أن لليوم الواحد من رمضان من الفضل مزية على غيره، فينبغي أن لا تفوت هذه الفضيلة، وأن يحتاط لها، ولأنه قد ثبت استحبابه في صورة وهي إذا صام جميع الشهر، ووافق وردا له.

  وأما من كره صومه فيتعلق بأمرين:

  الأول: ما روي في سبب نزول هذه الآية.

  وعن عائشة ^ قالت لمسروق حين امتنع من شرب عسل أمرت به له، واعتل بأنه صائم: نهى النبي ÷ عن صوم هذا اليوم، وفيه نزل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ}.

  الأمر الثاني: ما ورد من الآثار في النهي عنه، وذلك ما رواه في صحيح مسلم، والترمذي، والبخاري وسنن أبي داود ¥، عن أبي هريرة عن النبي ÷: (لا تقدموا) وفي بعضها، «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه».