تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}

صفحة 243 - الجزء 1

  وقيل: كان ذلك في رجب بعد زوال الشمس، قبل⁣(⁣١) قتال بدر بشهرين، ورسول الله ÷ في مسجد بني سلمة، وقد صلى بأصحابه ركعين من صلاة الظهر، فتحول في الصلاة، واستقبل الميزاب، وحول الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال في المسجد مسجد القبلتين.

  ويتعلق بهذه الآية الكريمة أحكام.

  الأول: كون الكعبة قبلة، وذلك مراد في الآية بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} وهو مجمع عليه، ومعلوم من الدين ضرورة لكن يتعلق بهذا الحكم فوائد:

  الأولى: ما المراد بالوجه في قوله: {فَوَلِّ وَجْهَكَ}؟ وجوابه: أن الوجه المراد به المواجه من الإنسان؛ لأن بذلك يظهر الاستقبال.

  وقيل: الوجه: عبارة عن النفس، ومنه قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨] وقوله تعالى: {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ}⁣[الرحمن: ٢٧] أي: ربك ذو الجلال، فعلى هذا لو كان المصلي وجهه إلى الكعبة، وسائر جسمه إلى غير الكعبة لم تجره صلاته.

  وقال الفقيه يحي بن أحمد حنش: يجزي لظاهر الآية، فإنه تعالى اعتبر الوجه، وضعف بأنه لم يرد العضو المخصوص، ولو صلى إلى بعض الأركان، واستقبله ببعض البدن، وبعض البدن إلى غيره قيل: لأصحاب الشافعي قولان: اختار الإمام يحي # أنها لا تصح⁣(⁣٢)، والآية الكريمة تدل على عدم الصحة؛ لأنه لم يول وجهه كله.

  الفائدة الثانية: ما المراد بالشطر المذكور في قوله تعالى: {شَطْرَ


(١) في ب (بعد قتال بدر) وهو غلط لأن بدرا كانت في رمضان. ومثله بلفظه في الكشاف.

(٢) الصحيح أن العبرة بالوجه مع المواجهة. (ح / ص).