تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم}

صفحة 301 - الجزء 5

  وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يكون ذلك كناية في الطلاق بل يكون ظهارا، وقد عكسه لو قال: أنت طالق، ونوى بقلبه الظهار لم يكن ظهارا، ذكره في المهذب، وكذا ذكر الإمام يحيى، قال: لأنها حقائق شرعية لمعان فلا تنصرف إلى غيرها بالنية، كما في الألفاظ اللغوية نحو السماء والأرض.

  وجه قولنا: إن الظهار والطلاق كل واحد منهما يحرم به إذا نوى، فإذا استعمل أحدهما في معنى الآخر كان مجازا، فيلزم من هذا إذا قال: أنت طالق ونوى الظهار، كان ظهارا كما إذا قال: أنت حرام ونوى الطلاق، كان يحتمل.

  واعلم أنه يرد سؤال على مذهبنا فيقال: إن حديث أوس بن الصامت قضى رسول الله ÷ بأنه مظاهر مع أنه قصد الطلاق؛ لأن الظهار كان طلاقا في الجاهلية، ذكر هذا الهادي # في الأحكام، وكذا ذكره الحاكم، أعني أنه كان طلاق الجاهلية.

  الوجه الرابع: أن يريد بقوله: أنت عليّ كظهر أمي اليمين، فقد قال في الأحكام إذا لم ينو ظهارا ولا طلاقا، ونوى يمينا فقد قال غيرنا: إنه يكون مؤليا تجب عليه الكفارة، ولسنا نرى ذلك؛ لأن المؤلي لا بد له من كفارة فلا تجب إلا على من أقسم بالله، فكلام الهادي هنا يدل أن لفظ الحرام لا كفارة فيه، والقاسم # قد نص على وجوب الكفارة في الحرام، ولأبي العباس قولان، وقد قال أبو العباس في الشرح: إذا نوى اليمين جرى مجرى قوله: أنت عليّ حرام، وقال في الشرح أيضا في تعليل المسألة فكأنه قال: هي محرمة عليّ كتحريم النظر إلى ظهر أمي، وقد ذكر في مهذب الشافعي إذا حرم زوجته ولم يرد طلاقا ولا ظهارا، فإن أراد تحريم العين ففي ذلك الكفارة، وإن لم يكن له نية ففي الكفارة قولان، وقد حكي عن أبي العباس في الروضة أنه إذا أراد تحريم العين في الصريح فلا شيء في ذلك.