تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}

صفحة 244 - الجزء 1

  الْمَسْجِدِ الْحَرامِ}؟ قلنا: هي لفظة⁣(⁣١) مشتركة بين النصف والنحو، فيعبر به عن النصف، وفي المثل: «احلب حلبا لك شطره» ويعبر به عن النحو قال الشاعر⁣(⁣٢)

  أقول لأم زنباع أقيمي ... صدور العيس شطر بني تميم

  واختلف أهل التفسير في تفسير الآية، فقال ابن عباس⁣(⁣٣)، ومجاهد، وقتادة، والأكثر: أراد بشطر المسجد: نحوه، وفي قراءة أبي: (تلقاء المسجد الحرام) وهي شاذة.

  وقيل: أراد وسط المسجد؛ لأنه من سائر الجنبات النصف، من حيث أن الكعبة واقعة في نصف المسجد الحرام، يعني مسجد مكة، فكأنه قال: نصف المسجد الحرام، وهذا قول أبي علي، والقاضي.

  الفائدة الثالثة: في بيان المسجد الحرام، ما أراد به هنا⁣(⁣٤).

  فكلام الحاكم والزمخشري، وهو تفسير أبي علي، والقاضي: أريد المسجد الذي يحيط بالكعبة، وكلام الأمير الحسين، وصاحب مهذب الشافعي: أن المسجد الحرام هو الكعبة، وقد دل على ذلك قوله تعالى في سورة المائدة: {جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ}⁣[المائدة: ٩٧].


(١) في ب (الكلمة مشتركة).

(٢) هذا البيت نسبه الفخر الرازي لساعدة بن جؤية نقلا عن الرسالة للإمام الشافعي. ح / مس وساعدة بن جؤية هو: ساعدة بن جؤية الهذلي بن كعب بن كاهل من سعد هذيل، شاعر من مخضرمي الجاهلية والإسلام، أسلم وليست له صحبة، قال الآمدي: شعره محشو بالغريب، والمعاني الغامضة، له ديوان شعر مطبوع.

(٣) عن ابن عباس ® قال: (البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل المشرق والمغرب) وهو قول مالك. (ح / ص).

(٤) قال جار الله في الكشاف (وذكر المسجد الحرام دون الكعبة دليل على أن المعتبر الجهة دون العين.