قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}
  الْمَسْجِدِ الْحَرامِ}؟ قلنا: هي لفظة(١) مشتركة بين النصف والنحو، فيعبر به عن النصف، وفي المثل: «احلب حلبا لك شطره» ويعبر به عن النحو قال الشاعر(٢)
  أقول لأم زنباع أقيمي ... صدور العيس شطر بني تميم
  واختلف أهل التفسير في تفسير الآية، فقال ابن عباس(٣)، ومجاهد، وقتادة، والأكثر: أراد بشطر المسجد: نحوه، وفي قراءة أبي: (تلقاء المسجد الحرام) وهي شاذة.
  وقيل: أراد وسط المسجد؛ لأنه من سائر الجنبات النصف، من حيث أن الكعبة واقعة في نصف المسجد الحرام، يعني مسجد مكة، فكأنه قال: نصف المسجد الحرام، وهذا قول أبي علي، والقاضي.
  الفائدة الثالثة: في بيان المسجد الحرام، ما أراد به هنا(٤).
  فكلام الحاكم والزمخشري، وهو تفسير أبي علي، والقاضي: أريد المسجد الذي يحيط بالكعبة، وكلام الأمير الحسين، وصاحب مهذب الشافعي: أن المسجد الحرام هو الكعبة، وقد دل على ذلك قوله تعالى في سورة المائدة: {جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ}[المائدة: ٩٧].
(١) في ب (الكلمة مشتركة).
(٢) هذا البيت نسبه الفخر الرازي لساعدة بن جؤية نقلا عن الرسالة للإمام الشافعي. ح / مس وساعدة بن جؤية هو: ساعدة بن جؤية الهذلي بن كعب بن كاهل من سعد هذيل، شاعر من مخضرمي الجاهلية والإسلام، أسلم وليست له صحبة، قال الآمدي: شعره محشو بالغريب، والمعاني الغامضة، له ديوان شعر مطبوع.
(٣) عن ابن عباس ® قال: (البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل المشرق والمغرب) وهو قول مالك. (ح / ص).
(٤) قال جار الله في الكشاف (وذكر المسجد الحرام دون الكعبة دليل على أن المعتبر الجهة دون العين.